الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.انتقاض أبي العباس وخروجه مع ابن سيجور ومهلكه. ولما غزل أبو العباس تاش عن خراسان كتب إلى الأمير نوح يستعطفه فلم يجبه فانتقض وكتب إلى فخر الدولة يستمده على ابن سيجور فأمده بالأموال والعسكر مع أبي محمد عبد الله بن عبد الرزاق وسار إلى نيسابور في عساكره وعساكر الديلم وتحصن ابن سيجور بنيسابور وجاءه مدد آخر من فخر الدولة وبرز ابن سيجور للقائهم فهزموه وغنموا منه واستولى أبو العباس على نيسابور وكتب إلى الأمير نوح يستعطفه ولج ابن عزيز في عزله ثم ثاب لابن سيجور رأيه وعادت إليه قوته وجاءه الأمراء من بخارى مددا وكاتب شرف الدولة أبا الفوارس بن عضد الدولة بفار س يستمده فأمده بألفي فارس مراغمة لعمه فخر الدولة فلما كثف جمعه زحف إلى أبي العباس وقاتله فهزمه ولحق بفخر الدولة ابن بويه بجرجان فأكرمه وعظمه وترك له جرجان ودهستان واستراباذ إقطاعا وسار عنها إلى الري وبعث إليه من الأموال والآلات ما يخرج عن الحد وأقام أبو العباس بجرجان ثم جمع العساكر وسار إلى خراسان فلم يقدر على الوصول إليها وعاد إلى جرجان وأقام بها ثلاث سنين ومات سنة سبع وسبعين وثلثمائة وقام أهل جرجان بأصحابه لما كانوا يحقدون عليهم من سوء السيرة فقاتلهم أصحابه واستباحوهم حتى استأمنوا وكفوا عنهم ثم افترق أصحابه وسار أكثرهم وهم كبار الخواص والغلمان إلى خراسان وقد كان صاحبها أبو الحسن سيجور مات فجأة وقام بأمرها مكانه ابنه أبو علي وأطاعه إخوته وكبيرهم أبو القاسم ونازعه فائق الولاية فلحق به أصحاب أبي العباس واستكثر بهم لشأنه..ولاية أبي علي بن سيجورعلى خراسان. قد تقدم اتفاق أبي الحسن بن سيجور وأبي العباس تاش وفائق على أن تكون نيسابور وقيادة خراسان لتاش وبلخ لفائق وهراة لأبي علي بن أبي الحسن سيجور ثم عزل تاش بسعاية الوزير ابن عزيز وولي أبو الحسن وكانت بينهما الحرب التي مر ذكرها وانهزم تاش إلى جرجان فاستقر أبو علي بهراة وفائق ببلخ وكان ابن عزيز يستحث الحسن لقصد جرجان ثم عزل ابن عزيز ونفي إلى خوارزم وقام مكانه أبو علي محمد بن عيسى الدامغاني ثم عجز لما نزل بالدولة من قلة الخراج وكثرة المصاريف فصرف عن الوزارة بأبي نصر بن أحمد بن محمد بن أبي يزيد ثم عزل وأعيد أبو علي الدامغاني وهلك أبو الحسن بن سيجور خلال ذلك وقام ابنه أبو علي مقامه وكاتب الأمير نوح بن منصور يطلب أن يعقد له الولاية كما كانت لأبيه فأجيب إلى ذلك ظاهرا وكتب لفائق بولاية خراسان وبعث إليه بالخلع والألوية وكان أبو علي يظن أنها له فلما بدا له من ذلك ما لم يحتسب جمع عسكره وأغذ السير وأوقع بفائق ما بين هراة وبوشنج فانهزم فائق إلى مرو الروذ وملك أبو علي مرو ووصله عهد الأمير نوح بقيادة الجيوش وولاية نيسابور وهراة وقهستان ولقبه عماد الدولة ثم رقاه الأمير نوح واستولى على سائر خراسان واستبد بها على السلطان حتى طلبه نوح في بعض أعمالها لنفقته فمنعه وأقام مظهرا لطاعته وخشي غائلة السلطان من طلبة نوح فكاتب بقراخان ملك الترك ببلاد كاشغر وشاغور يغريه ويستحثه لملك بخارى وما وراء النهر على أن يستقر هو بخراسان..خبر فائق. وأقام بعد انهزامه أمام أبي علي بمرو الروذ حتى اندملت جراحه واجتمع إليه أصحابه وسار إلى بخارى قبل أن يستأذن فارتاب به الأمير نوح فسرح إليه العساكر مع أخي الحاجب وفكنزرون فانهزم وعبر النهر إلى بلخ فأقام بها أياما وسار إلى ترمذ وكاتب بقراخان يستحثه وكتب الأمير نوح إلى والي الجوزجان أبي الحرث أحمد بن محمد الفيرقوني بقصد فائق فقصده في جموعه وسرح فائق إليه بعض عسكره فهزمه وعاد إلى بلخ وكان طاهر بن الفضل قد ملك الصغانيان على أبي المظفر محمد بن أحمد وهو واحد خراسان فانقطع أبو المظفر إلى فائق صريخا فأمده وسار إلى طاهر بعسكر فائق واقتتلوا فانهزم طاهر وقتل وصارت الصغانيان لفائق..استيلاء الترك على بخارى. ولما خرج الأمير نوح عن بخارى عبر النهر واستقر بآمل الشط وكاتب أبا علي بن سيجور يستحثه للنصرة وكاتب فائقا أيضا يستصرخه فلم يصرخه أحد منهما وبلغه مسير بقراخان عن بخارى فأغذ السير إليها وعاود الجلوس على كرسي ملكه وتباشر الناس بقدومه ثم بلغه مهلك بقراخان فتزايد سرورهم ولما عاد الأمير نوح إلى بخارى ندم أبو علي على ما فرط فيه من نصرته وأجمع الاستظهار بفائق فأزاحوه عن ملكه وملكوها ولحق فائق بأبي علي بن سيجور وتظاهرا على الأمير نوح وذلك سنة أربع وثمانين وثلثمائة.
|